الخميس، 13 مارس 2008

هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي


بكل الآسى كتب لنا فاروق جويده قصيده واحده خلال عام 2007 .. قصيده إلى شهداء مصر الذين أبتلعتهم الأمواج ..
ولكنها لم تكن كأى قصيده ..
بل كانت من رأيى رؤيه مختلفه له .. فهذه القصيدة لم تكن لي مجرد قصيده .. بل كانت أبعد من ذلك .
كانت مشهد صعب على النفس رؤياه .. مشهد تناسيناه جميعا حتى نعدو بحياتنا كما نحن ..
ولكن وجب علينا النسيان .. فكم ستختزن ذاكرتنا من مشاهد .. فكل يوم له مشهده المأساوى الخاص .
كل يوم له ألمه الخاص .. فدعونا مما مضى .. حتى نقوى على أحتمال المزيد ..
هذا ما صرنا فيه يوميا .. لم تعد أخبار الموتى تؤثر بنا .. فلقد أعتدنا على سماعها .
كما اعتدنا على أن نثور سريعا ونتوعد بالعقاب .. ومن ثم تهدأ عاصفه غضبنا بالنسيان ..
وربما بالغفران..
صرنا كالموج العالى .. يأتى أياما يشتد مده .. وأياما آخرى يهرب بجزره مبتعدا .
ربما كلامى معتاد .. لم آتى بالجديد ..
ولكن قصيدة فاروق جويده أيقظت الألم داخلى من جديد ..
ولو انى اعلم جيدا ان هذا الألم لن يدوم سوى دقائق ومن ثم يذهب للنسيان .
فالنسيان هو سر حياتنا .
هذه القصيدة قرأتها سابقا .. واليوم بالصدفه وقعت بين يدى مرة آخرى..
مع فيديو بألقائها من فارق جويده ..
فأحببت أن أنقلها لكم .. فهى قصيدة مختلفه بكل المقاييس ..
لا بل مشهد نراه متجسدا أمامنا بكل آلامه .
فهيا لنستمتع برؤية مشهدنا ..
فنحن من خلقناه بضعفنا وقلة حيلتنا .

:

:

:



:

:

:


هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي

*******************


كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلادي
أين النخيلُ وأيـن دفءُ الــوادي
لاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــا
غيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلاد
هو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــه
قدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِ
قـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــادي
أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِ
أهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــي
لا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِي
أشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَي
يتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي
أهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــا
صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ
اشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِي
غابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِي
فِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌ
وَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِ
وَعَلـَي الـْمَدَي أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍ
نـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِ
هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا
وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِ
لـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَي
تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِ
فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي
تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ
لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا
حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي
لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ
وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ
وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــا
بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ
مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍ
مَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِ
تـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــا
وَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِ
شَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــا
ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي
أحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــا
بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِ
لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍ
وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِ
لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِي
عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِي
فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌ
كـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي
الأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌ
خـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِ
تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــا
والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِي
نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌ
وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِ
وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌ
فرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِ
أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــا
كـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِ
البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــا
تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِ
حَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ً
وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي
هَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِي
وَدُعَاءُ أمي ..”كِيسُ”مِلـْح ٍزَادِي
رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْ
مَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِي
وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ
حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ
شَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـا
للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ
كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَا
وَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِي
مَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـا
وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي
عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــا
وَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِ
كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــا
وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ!
في لـَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَنـَاثـَـــرَتْ
حَوْلِي مَرَايا المَوْتِ والمِيـَـــلادِ
قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
فاروق جويدة .


هناك 13 تعليقًا:

د/اجدع بنوته يقول...

قريتها قبل كده

بس كل مره بقراها

بحس نفس الاحساس الصراحه

وهو احساس ولا ابشع

تحياتى

نداء يقول...

هو ده فاروق جويدة انسان مصري صميم حاسس باهل بلاده

ضــى القمــر يقول...

د/ أجدع بنوته

انا كمان قريتها كذا مرة .. لكن يوم ما سمعتها منه ... حسيت بالألم اكثر من صوته فى القائها .. علشان كده حبيت أتشارك معكم فيها ..

تقديرى لتشريفك مدونتى يا بنوته :)

ضــى القمــر يقول...

نداء

فعلا يا اخى ... فارق جويده شاعر وكاتب رائع ... ومصرى حقيقى .

أشكر تشريفك مدونتى .

محمود الدوح يقول...

كل مرة اقرا القصيدة دى بتعب
بجد مؤثرة

Unknown يقول...

يااااااااااااة


قد اية يا استاذ فاروق الصورة بقت توجع وتالم

شمرا يا ضى القمر على الفيديو كان نفسى اشوفة من زمان

ضــى القمــر يقول...

محمود الدوح

معك حق يا اخى ... أشكر تشريفك المدونه

ضــى القمــر يقول...

واحد مش فاهم حاجه ..

طيب الحمد لله إنى نزلت الفيديو .. شكرا لتعليقك يا اخى

غير معرف يقول...

شكرا على القصيدة اللى أثرت فى كل الناس

تحياتى لكى

Amir ELmasry يقول...

فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي
تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ


بجد اول ما قراتها حسيت اد ايه احنا مقهورين وبنتوه عملين نفسنا مش وخدين بالنا يا ناس مصر متستهلش ده منه لله اللي كان السبب


كله منه يا رب انتقم منه

ضــى القمــر يقول...

bos bos

القصيده أثرت فى الكل .. لا تأثير صامت بدون بوجع فى النفس فقط

اشكر تشريفك مدونتى يا غاليتى

ضــى القمــر يقول...

أمير المصرى ..

الله ينتقم من كل اللى جعلنا ضعاف .. لا نقوى على شىء سوى الصمت والندم على ما مضى .. وعلى زمن عدى وفات.

الله ينتقم من اللى جعل بلدنا كده .

الله ينتقم منه

شكرا على تواجدك هنا يا اخى .

عبدالله يقول...

فعلا مرهفه
كلام في الصميم
عبر عن واقع بكلمات جدا موجزه شملت الم واقع معاش
شكلي حبلط في الدونه هذي
الف شكر
اخوكي عبدالله الوصابي